مع ثورة التكنولوجيا التي تصاعدت كالبرق في نصف القرن الأخير والقرن الحالي، تطورت المجتمعات، ومع هذا التطور ظهرت مفاهيم جديدة تواكب العصر الرقمي، وأبرز هذه المفاهيم مفهوم المواطنة الرقمية (Digital Citizenship)، الذي يمكننا القول عنه إنه يعني استخدام الشخص لتكنولوجيا المعلومات (IT) من أجل الانخراط والمشاركة الفاعلة في المجتمع الرقمي وشؤونه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. أصبحت منصات مواقع التواصل الاجتماعي (Social Media Platforms) هي أكثر ما يعبر عن مفهوم المواطنة الرقمية، ومن خلالها يمكننا معرفة مدى أهمية وتأثير المواطنة الرقمية في حياتنا، فيمكن اعتبار أغلبنا – إن لم نكن جميعًا – مواطنين رقميين.
طبيعة هذا التطور التكنولوجي ألزمت المشرع في العديد من بلدان العالم على أن يضع قوانين رقمية ويعدل بعض تشريعاته لمواكبة تطور الفضاء الرقمي. يمكننا تعريف القوانين الرقمية بأنها الحقوق والقيود التي تفرضها الدول لاستخدام التكنولوجيا، وأهم ما تحتويه هذه القوانين: الوعي بعدم مشاركة المحتوى الرقمي الذي يحمل حقوق طبع ونشر مع الآخرين، الإشارة لمصدر المحتوى الرقمي عند الاستفادة منه، احترام الآخرين في شبكة الإنترنت وعدم الإساءة لهم أو التعدي على حقوقهم، الوعي بعدم اختراق الأنظمة والحواسيب الخاصة بالأفراد أو المنظمات، عدم استخدام برامج القرصنة أو سرقة هوية أشخاص آخرين، وعقوبات نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادرة من الهيئات الحكومية. لكن نرى أن مشكلة القوانين الرقمية هي أنها مطبقة بالطرق القانونية التقليدية فلا نرى وجود لأصحاب الاختصاصات الرقمية فيها.
واقع الحال يقول لنا إن ثقافتنا الرقمية ضعيفة، فالمناهج الدراسية لم تتطرق للمواطنة الرقمية بشكل معمق، وعليه يجب أن تكون عملية تدريس وتعليم ما يتعلق بالتكنولوجيا واستخدامها وكيفية عملها بهدف الاستفادة منها بأكثر من طريقة ملائمة من خلال الطرق الآتية: التعلم والتمكن من التكنولوجيا قبل استخدامها، التحقق من دقة وصحة المعلومات وتقييم المصادر المختلفة في الشبكة العنكبوتية، مشاركة المعلومات الصحيحة في مواقع التواصل الاجتماعي، توظيف المعلمين للتكنولوجيا بطرق جديدة ومبتكرة لتحفيز تعلم الطلاب وتنمية مهارات القرن الحادي والعشرين، وتوفير محتوى رقمي دقيق ذو صلة بمجالات تعليمية متنوعة.
نحتاج كذلك إلى توسيع عملية الوصول الرقمي، ويقصد بها المشاركة الإلكترونية الكاملة في المجتمع، مع إتاحة القدرة للجميع في المنازل والمدارس للوصول إلى جميع الأدوات والمصادر والانخراط في المجتمع الرقمي. والأمن الرقمي أصبح ضرورة ملحة في هذا العصر من أجل السلامة الرقمية. والأمن الرقمي يعني الإجراءات الوقائية التي يجب أن يتخذها جميع مستخدمي التكنولوجيا لضمان سلامتهم وأمن شبكاتهم. نصائح لحماية الحاسب في المنزل كشراء برنامج لمكافحة الفيروسات، تثبيت جدار ناري لحماية نظام الحاسب من المتسللين، تحديث نظام التشغيل بانتظام، تحميل وتحديث برامج الحماية من التجسس، المحافظة على خصوصيتك والوعي بالقرصنة والاحتيال.
هنالك قواعد للسلوك الرقمي، فهي تعني معايير السلوك أو الإجراءات المتوقعة من المستخدمين الآخرين للتكنولوجيا الرقمية. وأبرز هذه القواعد: التهجئة والقواعد السليمة، الاستخدام المحدود للاختصارات، استخدام الحجم المناسب من الحروف، عدم إرسال المعلومات الشخصية، الالتزام بآداب الحوار والمحادثة، الابتعاد عن العدائية مع الآخرين، منح التقدير للآخرين عند الاستفادة من إنتاجهم، تحميل البرامج القانونية من مصادرها الموثوقة.
يوجد لدينا كذلك الصحة والرفاهية الرقمية، ويقصد بها العناصر الجسدية والنفسية للجسم والمتعلقة باستخدام التكنولوجيا الرقمية كاستخدام التكنولوجيا بطريقة مسؤولة ومعتدلة، الوعي بالآثار الجسدية المترتبة على استخدام التكنولوجيا لفترات طويلة، الوعي بظاهرة الإدمان على التقنية والحد من أثرها، الحصول على فترات راحة والقيام ببعض التمرينات الجسدية أثناء العمل المتواصل على الحاسب، الموازنة بين الجوانب الإيجابية والسلبية للصحة النفسية والجسدية عند استخدام التقنية.